حسن الـمقصد، في عمل المولد: للسيوطي 1




بسم الله الرحمن الر حيم
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول، ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أولا؟
والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو إجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الوارة في مبدإ أمر النبي صلى الله وما وقع في مولده من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يتاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبى صلى الله عليه وسلم، وإظهار الفرح والإستبشار بمولده الشريف.
وأول من أحدث فعل ذالك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كزكبري ابن زين الدين على بن بكتكين، أحد الملوك الأمجاد، والكبراء الأجواد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون.
قال ابن كثير في تاريخه: كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به إحتفالا هائلا، وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا، رحمه الله وأكرم مثواه، قال: وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب بن دحية مجلدا في المولد النبوي سماه ((التنوير في مولد البشير النذير)) فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في الملك إلى أن مات وهو محاصر للفرنج عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة.
وقال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان: حكى بعض من حضر سماط المظفرة في بعض الموالد أنه عد في ذالك السماط خمسة آلاف رأس غنم مشوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة فرس (؟) ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية، فيخلع عليهم، ويطلق لهم، ويعمل للصوفية سماعا من الظهر ثلثمائة ألف دينار، وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة، فكان يصرف على هذه الدار في كل سنة مائة ألف دينار، وكان يستفك من الفرنج في كل سنة أسارى مبائتى ألف دينار، وكان يصرف على الحرمين والمياه بدرب الحجاز في كل سنة ثلاثين ألف دينار، هذا كله سوى صدقات السر، وحكت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب أخت الملك الناصر صلاح الدين أن قمصيه كان من كرباس غليظ لا يساوى خمسة دراهم، قال: فعاتبته في ذلك، فقال: في ذالك، فقال: لبسي ثوبا بخمسة وأتصدق بالباقى خير من ألبس ثوبا مثمنا وأدع الفقير والمسكين.
وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دحية: كان من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة، فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين سيعتنى بالمولد النبوي، فعمل له كتاب "التنوير في مولد البشير النذير" وقرأه عليه بنفسه، فأجازه بألف دينار، قال: وقد سمعناه على السلطان في ستة مجالس في سنة خمس وعشرين وستمائة، انتهى.

Comments

Popular posts from this blog

SALLAR TARAWIHI DA TAHAJJUDI DA YADDA AKE YINSU

من خواص أذكار الطريقة التجانية حزب البحر للإمام الشاذلي

TARIHIN WAFATIN ANNABI SAW 1 DAGA TAHIR LAWAN MUAZ ATTIJANEEY