من خزانة موقع زمن التجانية
*القطبانية العظمى بين شهرَيْ محرم وصفر وعلاقتها بالحقيقة المحمدية*
بقلم: الداعية الإسلامية زينب البعقيلي
~~~
* استهلال لابد منه :
حصل (الارتقاء) في مقامات القطبانية العظمى لختم الأولياء سيدنا أحمد التجاني - رضي الله عنه - يوم الإثنين18 من شهر صفر، إذ حلت معها السعادة و الهناء لتعم أصحابه و محبيه حيثما حلوا وارتحلوا
جاء في الجواهر:{...وفي شهر (المحرم) 1214 للهجرة ، حل سيدنا رضي الله عنه "مقام القطبانية" ، و غدا الغوثَ الجامع ، و ظهر بحمد الله ما بشره به أهل الكشوفات ، و في الثامن عشر(18) من صفر - أي بعد شهر و ليال- ارتقــــى في درجات مقام قطبانيته الأكمل، إلى أن حل مقامَه العزيز المختار له في الأزل، وهو (مقام الكتمية) الذي أخفى اللهُ حقيقته عن جميع الخلق، ما عدا سيد الوجود صلى الله عليه و سلم ، وهو (المقام الأرفع) الأخص الذي ليس فوقه من مقامات العارفين و الصديقين إلا مقام َالصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - الذين ليس فوقهم في الفضيلة إلا الأنبياء -عليهم الصلاة و السلام-
- كان الدخول في مقام القطبانية في منتصف شهر صفر الخير (18 منه)، مما جعل بعض المحبين وخاصة في آسيا وإفريقيا الغربية، يُحيون تلك الذكرى المباركة:
وأذِنَ الـنـبـيُّ للـشـيخ بأنْ ** يُلقن الأنامَ وِردهُ الحَســن
وفاق في الخيرات كل غـوث ** لغَرفة مـِن منبع المعارف
* و من كلام سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه عن حقيقة القطبانية قوله :
" القطبانية هي(الخلافة العظمى) عن الحق - تبارك و تعالى- مطلقا في جميع الوجود جملة و تفصيلا ...
و الأقطاب متفاوتون في هذا ،وأكملهم درجة هو مَن بلغ الرتبة العليا المسماة "بختم المقامات" ، ولم يرتقه منهم إلا القليل لبعد مرامه ، و أعلاهم هو الختم الأكبر الذي هو ختم الولاية المحمدية يختم به اللهُ الولاية المحمدية الباطنة ،كما نبَّه رضي الله عنه أن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم أخبره يقظة بأنه هو الخاتم المحمدي المعروف و بأن مقامه لا مقام فوقه في بساط المعرفة بالله ، و هذا الختم هو المتلقي بجميع ما يفيض من ذوات الأنبياء عليهم السلام من الإمداد وهو المفيض على جميع الأولياء وإن لم يعلموا به إلى غير ذلك من فضائله العظام
و من علاماته أنه يحقق مواجيدَ الأولياء كلِّهم و( يختص عنهم بوجْده) كما حقق خاتمُ الأنبياء مواجيدَ الأنبياء كلهم واختص عنهم بوجده ، و قد ذكر هذا الختم غير واحد من الأئمة الكبار رضي الله عنهم ، كالحاتمي و الشاذلي رضي الله عنهما و الإمام المحدث الصوفي أبي عبد الله محمد الترمذي و الشيخ عبد الوهاب الشعراني في ا"ليواقيت و الجواهر" و الشيخ محيي الدين في "الفتوحات المكية" ، رضي الله عنهم أجمعين
و أما وجه تسميته مكتوما فلأن له مرتبة باطنة لا يعلم حقيقتها أحد إلا الله تبارك و تعالى!!
~~~~~~~~~
** أسباب الأفضلية الكبرى، تشرحُ مفهوم "الحقيقة المحمدية":
إن أفضلية النبي صلوات الله عليه وسلامه، تتمثل في المثلث الذهبي: الخيرية، الأسبقية والختمية
واختار الحق سبحانه ختمًا للولاية لينوبَ صاحبُها عن "الحقيقة المحمدية" فأجلسه تعالى على (كرسي الخلافة العظمى) في المملكة التصريفية.
والسبب في ذلك قوة السقي بفيضة الأقدس وتجليات الإسم الأعظم، وتميز نوره عن الأنوار وهكذا، ظهرت الحقيقة طالمحمدية في الأزل، لتكون مظهرا للفيوضات الإلـهية من دون حلول ولا اتحاد، ظهرت بشِقَّيْها الأحمدي والمحمدي، وبفتحها الأكبر والأصغر: "- الذي إذا ما دخل نوره على الذات، دخل عليها من كل الجهات، فيُكشف الغطاء ويزول الحجاب بين الروح والذات." حسب الشيخ البعقيلي رضي الله عنه في "الشربذذششذذذشهي الصافي".
وبهذا يُصبح المفتوح عليه في العُموم في وفاق مع النفس وتناغم وشفافية عالية تُنشط الفِراسةَ وتزيد من الإشراق. ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يرى بكل ذاته، من خلفه ومن أمامه، وينام وعينُ قلبه يقظة, وروحه تسبح في ملكوت الله عز وجل: وبهذا التفضيل والتميز لُقب صلى الله عليه وسلم بالفاتح الخاتم والذي قال عنه الشيخ البعقيلي رضي الله عنه في: "إعلام جهال بحقيقة الحقائق"
"- بوجوده فُتحت مغالق الأكوان ثم أغلق بها ظهور صور الموجودات، وبه فُتحت مغالق الرحمة ومغالق القلوب من الشرك..."
ــ و لكن هيهات أن يفهم هذه العبارات مَن غابت عنه أسرار الإشارات:
و كيف يُـدرك في الدنيا حقيقتـه ** قــوم نـيامٌ تَسَلَّـوا عـنه بالحُـلُـمِ
ــ وهيهات مرة أخرى أن يستوعب لُبَّ معناها من انكوى بنار الحسد والمكابَرة:
لا تعجـب لحـسُـود راح يُـنـكـرهـا ** تجاهـلاً وهو عينُ الحـاذق الفهِـمِ
ــ و هيهات ثم هيهات ألف مرة، أن يستطعم حلاوتَها مَن فقد حاسة الإدراك والتذوق:
و قد تُنكر العينُ ضوءَ الشمس من رَمَدٍ ** ويُنكر الفمُ طعمَ المـاء من سَقـمِ
~~~~~~~
***حين تُخبر الأفضلية عن حقيقة "القطبانية العظمى":
فكما أن الحق تعالى اختار لرِسالته أشرف خلقه، وخلق من الأنبياء أشرفهم وأحبهم وأصلحهم للبشرية جمعاء، وختم بمحمد صلى الله عليه وسلم النبوة، فإنه جل وعلا، أخرج من رَحم النبوة الوِلايةَ ومن رحم المعجزة الكرامة وجعل للدعوة استمرارية على يد المجددين الربانيين. ثم اختار ختمًا للولاية لينوبَ صاحبُها عن الحقيقة المحمدية، فأجلسه تعالى على كرسي الخلافة العظمى، في المملكة التصريفية: إنه قطب العصر والزمان سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه)، بشهادة من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يقظة في تصريح شفوي لا التباس فيه، كما يتعارف عليه أهل التحقيق والتصديق.
سُئل الشيخ التجاني صاحب الكمالات والفيوضات، عن مفهوم "القطبانية العظمى" فأجاب في إحدى رسائله رضي الله عنه: "- إنها الخلافة العظمى، نيابة عن الحقيقة المحمدية. وإن أعلى الأقطاب درجة وأرفعهم مكانةً، من بلغ الختمية وختم المقامات." انتهى.
فهذا الكلام العميق، من مقام التسليم والتصديق، ولا علاقة له بالعقل وبالتجربة، فحكم العقل فيه الوقوف بأدب عند عتبة التواضع، وأما القلب ففيه فراغٌ لا يملؤه إلا الإيمان المطلق، ولابن عربي ض) رأي في هذا الشأن:
"- إن أقلَّ درجات أهل الطريق التسليم، في ما لا تعلمه أنت، وأعلاهُ القطع بصدقه. وما عدا هذه المقامين حرمان." انتهى.
فما كان فضل الشيخ أحمد سيدي**علــى كــل قـطـب قـبـلـه بعُجـاب
وليـس لـما أعـطــاه ربـي مـانـعٌ**فيُعطي الذي يعطي بغيـر حسـاب
أولـئـك خـلق فضل الله بعـضَهـم**علـى بـعـض في رزقــه وثــواب
*أخي القارئ اللبيب، لعلك اقتنعت أخيرا بما غاب عنك أو أشكل عليك، فاعلم أن تعظيم الرموز من واجب التوقير ولا بدعة فيه، فعظم نبيكَ كيفما شئت وبالطريقة التي تستحسنها، ما دمت تحت سقف الشرع، وعلى عتبة الأدب. واعرض عن المنكرين فإنهم أصحاب مِراء وجِدال، بل هم مِمَّن لا تفرحهم تباشير العيد ولا يطربون للأغاريد!
أمنكرٌ فضلَ الشيخ من غيرِ خِبـرة**والإنكار عن الجهـل غير صـواب
أتنكر نـورَ الشمس عنـد شـروقـها**وقـد قـابـلتـها العيـنُ دون حجـاب
* وأنت أيها المريد التجاني، طـِبْ نفسًا وقـِرَّ عينا فإنك على حق لأنك متمسك بالحق على طريق صاحب الحق: فلا تخف دموع الفرح بعد اليوم, وارفع عنك كل وصاية فإنك من السعداء الذين وجدوا طريقهم إلى الله من غير عناء.
أبشـروا معشر المحبين فيـه**بـنـجـاح مـؤبـد مُستــدام
فلتطيبوا نفسا فليس كمثل**الشيخ في الوعد والوفا بالذام
فعلى قدر صدق المـريــد** ينجلي عن حِجـاه كلُّ لِثـام
حقـا، فُزْتـم بما لم يفـز به غيركم إلا من فَعـل مثلـكم وحصل على الانتفاع بالاتباع، لأنه،عـلى قدر فـتح الشيخ يكون فتح الـمريد.
و لتقـوموا بعهده كي تنالوا ** غــاية السـر فيـه أي قـيام
~~~
http://www.tijaniatimes.com/tijania-times/pages/result.asp?id=592
Comments
Post a Comment