ترجمة سيدي محمد الغالي بو طالب الشريف الحسني

العارف بالله الدال على الله القدوة الكبير و الولي الشهير ذو الكرامات الظاهرة و المناقب الفاخرة و الأحوال السَّنِية و الأخلاق السُّنّية أبو عبد الله سيدي محمد الغالي بو طالب الشريف الحسني

هذا السيد الجليل رضي الله عنه من أفاضل خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه وهو أحد العشرة المضمون لهم الفتح الأكبر، كما أخبر بذلك سيدنا رضي الله عنه .
وقد ترجم له في البغية عند قول المنية في تعداد من ظهر عليه الفتح:"
و أما الشريف الأجل العارف بالله سيدي محمد الغالي بن سيدي محمد بوطالب الحسني رضي الله عنه ، فهو أحد أركان طريقتنا ، وممن انتشرت على أيديهم بالمغرب و المشرق ، و عنه انتقلت إلى السوادين.
و قد كان سيدنا رضي الله عنه أجاز له في الطريق و أمره أن يقدم أربعة و كل واحد من أولائك الأربعة يأمره بتقديم أربعة ليس إلا ، و هذا كان له قيد حياة الشيخ رضي الله عنه و بعد وفاته أيضا قبل أن ينتقل إلى الحرمين الشريفين .
و أما بعد حلوله بالحرمين الشريفين  فالذي يظهر من عمله الإطلاق ، و لاشك أنه حصل له الإذن فيه إما من بعض من لقيه بالبلاد المشرقية من المقدمين ، و إما من غيرهم...

وقد كان له في  الجد و الإجتهاد في طاعة رب العباد  أحوال خارقة للعادة من ذلك ما اتفق له ذات يوم وهو أنه كان جالسا قرب باب بيته من داره بمكناسة الزيتون يذكر أوراده مستقبلا مستغرقا في حضوره ، إذ سقطت بنية له من أعلى حلقة الدار فلم يلتفت لذلك و لا تغيرت جلسته و لا شيء من حالته التي كان عليها بل بقي على ما كان عليه حتى أكمل أوراده.
و كان يرتل في العبادة صلاة كانت أو غيرها ترتيلا لم يسمع بمثله أحد ، و كان يسبح في السجدة الواحدة نحوا من سبع و عشرين مرة ...و كان يرى النبي صلى الله عليه و سلم و كذلك الشيخ رضي الله عنه بعد وفاته فيسألهما عما أشكل عليه كحال اليقظة . و أخبر الثقات عنه أنه أخبر عن نفسه رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه  و سلم في المنام فقال له:" أنت ابن الحبيب و أخذت طريقة الحبيب."
و حدث بعض الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه أنه حدثه أنه رأى سيدنا الشيخ رضي الله عنه بعد وفاته و قال له:" يا سيدي سرت عنا و تركتنا." أو كلاما من نحو هذا ، فأجاب رضي الله عنه بقوله : "لم أغب عنكم و لم أترككم و إنما هي نقلة من دار ترابية إلى دار نورانية ."
كما حدث بعض الخاصة من ملازميه أنه كان اتخذ خلوة يختلي بها في وقت مخصوص لذكر مخصوص فكان يأمره إن أخذه الحال أن يقف بباب الخلوة إلى وقت فراغه من الذكر ، قال:" فكنت إذا فرغ من الذكر دعاني فأدخل فأجده كأنه كان في حمام شديد الحر ، حتى أني كلمته في ذلك فتبسم و قال لي:" ضع أصبعك هاهنا." و أشار إلى ظاهر كفه قال:" فوضعت إصبعي فكأني وضعتها على جمرة فرفعتها بسرعة و قد أثر ذلك فيها كما تؤثر الجمرة تحقيقا ."." و مثل هذا لا غرابة فيه من الصادقين فيما يذكرونه بالإذن الخاص. كما ذكِر عن بعض صلحاء سجلماسة قريبي العهد أنه كان يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فكان يجد  لفمه و شفتيه حلاوة محسوسة ، و هذا لا ينكره إلا ضعيف إعتقاد في أسرار الولاية و آثار الأذكار و الله أعلم .
واعلم أن سيدي محمد الغالي كان عند سيدنا بكمانة منيفة و مرتبة شريفة ، يثني عليه في حال الحضور و الغيبة ، و يشهد له بصدق المحبة و كان يعجبه حديثه و يسأل عنه إذا لم يحضر مع الإخوان .
و بلغنا عن طريق التواتر ، وهو مذكور أيضا في كتاب الرماح ، أن الشيخ رضي الله عنه قال ذات ليلة في مجلسه :" أين السيد محمد الغالي؟" فجعل أصحابه ينادون أين السيد محمد الغالي فلما حضر بين يدي الشيخ قال رضي الله عنه:" قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى." ، فقال له سيدي محمد الغالي  و كان كثيرا ما يتفاوض في الحديث:" يا سيدي أنت في حالة الصحو و البقاء أو في السكر و الفناء ؟" فقال رضي الله عنه :" بل أنا في الصحو و البقاء!" ، فقال له صاحب الترجمة :"يا سيدي ما تقول في قول سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى ؟ " فقال:" صدق رضي الله عنه يعني أهل عصره ، و أما أنا فأقول قدماي هاتان  على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور ." ، فقال له:" يا سيدي فكيف تقول إذا قال أحد بعدك مثل ما قلت !" فقال رضي الله عنه:" لا يقوله أحد بعدي." ، فقال له:" يا سيدي  لقد حجرت على الله تعالى واسعا؛ ألم يكن الله تعالى قادرا على أن يفتح على ولي فيعطيه من الفيوضات و التجليات و المنح و المقامات و المعارف و العلوم و الأسرار و الترقيات و الأحوال أكثر مما أعطاك ؟ " فقال رضي الله عنه :" بلى قادر على ذلك و أكثر منه و لكن لا يفعله لأنه لم يرده .
ألم يكن قادرا على أن ينبئ أحدا و يرسله إلى الخلق و يعطيه أكثر مما أعطى سيدنا محمدا صلى الله عليه و سلم ؟" فقال:" بلى و لكنه تعالى لا يفعله لأنه ما أراده في الأزل ." فقال رضي الله عنه :" و هذا مثل ذاك ."
توفي رحمه الله تعالى في حدود 1244 للهجرة بأحد الحرمين الشريفين.
و من عجيب ما اتفق له أن سيدنا رضي الله عنه أخبر بعض أصحابه أنه إذا توفي لابد أن يصلي عليه سيدي محمد الغالي ، فلما توفي سيدنا رضي الله عنه لم يكن حاضرا لوفاته و لا للصلاة عليه و لا للدفن لكونه كان مسافرا ، فاتفق من قدر الله تعالى أنه لما أخرج أولاد سيدنا رضي الله عنه سيدنا من قبره ليذهبوا به إلى بلدهم ، و أخذه منهم فقراء فاس و أرادو أن يردوه لقبره الشريف ، كان سيدي محمد الغالي حاضرا فقام و صلى عليه ، فعند ذلك تعجب الإخوان الذين أخبرهم سيدنا رضي الله عنه بأنه يصلي عليه ، و تحققوا بمصداق ذلك وهي من كراماته رضي الله عنه .
و قد تخرج على يد سيدي محمد الغالي جماعة من المفتوح عليهم و يكفيه أن تخرج على يده القدوة الكبير و العارف الشهير مربي المريدين و المرشد للفلاح في سبيل الدين سلطان العلماء و عالم السلاطين المجاهد أبو حفص سيدنا عمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي آخر سلاطين العدل بنواحي السودان و الذي بلغ مقام الخلافة التجانية الكبرى كما وصفه بذلك غير واحد و صرح بنفسه بذلك .
"كشف الحجاب" للقاضي سيدي احمد سكيرج"
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjLm9HeYULXT5BmYSJPizwsH3apA4rZwnjWBNPrqZvoiTX77Qg_Ku_pANHHqsB5zoQvpD2FsSlkOkeyd-5-kXBEnGAnKqlCQGkbHY8Rg1MFVJM3VctDmWcb9TZ6yHXC0o2XX1HG_PC7CKE/s640/download%2525283%252529.png

Comments

Popular posts from this blog

SALLAR TARAWIHI DA TAHAJJUDI DA YADDA AKE YINSU

من خواص أذكار الطريقة التجانية حزب البحر للإمام الشاذلي

TARIHIN WAFATIN ANNABI SAW 1 DAGA TAHIR LAWAN MUAZ ATTIJANEEY